محب الهدى Admin
عدد المساهمات : 58 تاريخ التسجيل : 22/02/2011
| موضوع: نداء إلى شباب الإسلام للشيخ عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجمعة فبراير 25, 2011 8:18 pm | |
|
نداء إلى شباب الإسلام
للشيخ عبد الله بن جار الله بن إبراهيم آل جار الله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن الاه.
وبعد:
فيا شباب الإسلام ويا أمة القرآن ويا أتباع محمد صلى الله عليه وسلم ويا خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله ويا حماة الدين والعقيدة ويا أحفاد المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، عليكم بتحقيق هذه الأمور لتفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة واغتنموا فرصة الشباب والصحة والحياة قبل زوالها فيما يسعدكم في دراسة القرآن الكريم ودراسة تفسيره وتدبره والعمل به ليكون حجة لكم عند ربكم ، فالقرآن حجة لك أو عليك وفي دراسة الحديث الشريف والسيرة النبوية فلنا فيهما عظة وعبرة، ولنا فيهما أسوة حسنة وفي الدعوة إلى الله تعالى على علم وبصيرة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108] فالشباب والصحة والحياة فرصة ثمينة تمر بسرعة فإن شغلت بخير وإلا شغلت بشر ولا بد.
والأوقات محدودة والأنفاس معدودة وسوف تسأل عن أوقاتك في أي شيء قضيتها، فإن قضيتها في طاعة كانت لك مكسبًا، وإن قضيتها في معصية كانت عليك وبالاً وخسرانًا، وإن قضيتها في غفلة تحسرت عليها في قبرك ويوم حشرك، وقد قيل: الوقت كالسيف إن قطعته فيما ينفعك وإلا قطعك فيما يضرك وفي الحديث: «اغتنم خمسًا قبل خمس، شبابك قبل هرمك وصحتك قبل مرضك وحياتك قبل موتك، وفراغك قبل شغلك وغناك قبل فقرك»([1])، وقال صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ»([2]) يعني: أنهم مقصرون في شكر هاتين النعمتين لا يقومون بواجبهما ومن لا يقم بحق ما وجب عليه فهو مغبون.
أخي المسلم: وسوف تسأل في قبرك: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ولا يستطيع الإجابة الصحيحة على هذه الأسئلة إلا من كان مستقيما في هذه الحياة على طاعة الله ورسوله والعمل بشرائع دينه {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 71] وسوف تسأل يوم القيامة عن عمرك فيم أفنيته؟ وعن شبابك فيم أبليته؟ وعن مالك من أين اكتسبته؟ وفيم أنفقته؟ وعن علمك الذي تعلمته ماذا عملت به؟ قال صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل فيه؟»([3]).
فأعد للسؤال جوابًا صحيحًا لتكون من الناجحين الفائزين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فقد كان يذكر الله على كل أحيانه([4]) وبذكر الله تطمئن القلوب وسوف يسأل الأولون والآخرون يوم القيامة ماذا كنتم تعبدون وماذا أجبتم المرسلين؟ ولا يستطيع الفوز بالإجابة الصحيحة إلا المؤمنون التائبون العاملون الصالحات في الدنيا قال تعالى:{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ * فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَسَاءَلُونَ * فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِين} [القصص: 65-67]، ويحصل جواب الفقرة الأولى بالإخلاص للمعبود وجواب الفقرة الثانية بالمتابعة للرسول.
والمؤمنون الفائزون يوم القيامة تبيض وجوههم ويعطون كتب أعمالهم بأيمانهم وهي بمنزلة الشهادات للناجحين ويردون حوض نبيهم فيسقون منه شربة لا يظمئون بعدها أبدًا وتثقل موازين حسناتهم ويمرون على الصراط على حسب أعمالهم ويدخلون الجنة بشفاعة محمد فيفوزون فيها بما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون في شباب لا يفنى وصحة لا تزول ونعيم مقيم وحياة دائمة ويتمتعون بالنظر إلى وجه الرب الكريم ويفوزون برضاه وقربه {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 72].
أما المجرمون فتسود وجوههم ويطردون عن حوض النبي صلى الله عليه وسلم ويعطون كتب أعمالهم بشمائلهم وتخف موازين حسناتهم ويسحبون إلى النار على وجهوههم ولا تنفعهم شفاعة الشافعين ولا يموتون في النار ولا يحيون ولا يخرجون منها ولا ينقطع عنهم عذابه وهم فيها خالدون جزاء بما كانوا يعملون([5]).
أخي المسلم: وسوف تسأل عن حركاتك وسكناتك وأقوالك وأفعالك وسوف يشهد عليك لسانك وسمعك وبصرك ويدك ورجلك عما سمعت أذنك ونظرت عينك ومشت رجلك، وتناولت يدك، وتكلم به لسانك قال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً} [الإسراء: 36] وقال تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النور: 24] {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92، 93] فلا تتكلم إلا بخير ولا تنظر ولا تسمع إلى ما لا يحل لك ولا تأكل ولا تشرب ما حرم عليك ولا تمش إلى معصية ولا تتناولها يدك لتكون هذه الحواس والجوارح شاهدة لك لا عليك عند ربك.
أخي المسلم: إن مهمتك في هذه الحياة أن تتعلم العلم النافع الشرعي قال صلى الله عليه وسلم «من يرد الله به خير يفقهه في الدين»([6]) ثم تعمل به وتدعو إليه وتصبر على ذلك وأن تخلص لله في علمك وعملك ودعوتك وفي حبك وبغضك وفعلك وتركك فإن تكلمت فلله وإن سكت فلله وإن نظرت أو سمعت فلله وإن مشيت فلله وإن أحببت أو أبغضت فلله وإن واليت أو عاديت فلله.
وصدق الله العظيم إذ يقول:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163] اللهم وفقنا وجميع إخواننا المسلمين لما تحب وترضى إنك على كل شيء قدير.
*******************************
([1]) رواه الحاكم والبيهقي في شعب الإيمان.
([2]) رواه البخاري في صحيحه.
([3]) رواه البزار والطبراني بإسناد صحيح.
([4]) رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
([5]) الخلود في النار خاص بالكفرة والمشركين.
أما عصاة الموحدين فهم تحت مشيئة الله إن شاء غفر لهم وإن شاء عذبهم في النار بقدر ذنوبهم ثم يخرجهم منها كما عليه أهل السنة والجماعة.
([6]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
| |
|