محب الهدى Admin
عدد المساهمات : 58 تاريخ التسجيل : 22/02/2011
| موضوع: القدس: الضحية الأكبر في وثائق المفاوضات السرية الجمعة فبراير 25, 2011 7:56 am | |
|
القدس: الضحية الأكبر في وثائق المفاوضات السرية أ. ماهر رجا في المكان البارز والأخطر أيضاً صورة القدس، ذلك هو الجزء الأهم في مشهد وثائق المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية التي كشفتها قناة "الجزيرة" مؤخراً. وكما يبدو فإن الفريق الفلسطيني المفاوض ، وهو يدرك أهمية القدس، جعل منها ورقته الأثمن التي توقع أن تؤدي تنازلاته فيها إلى الحصول على صفقة حل جيدة في قضية الحدود في الضفة والأمور الأخرى من المفاوضات.
على أن الأمر يتكشف عن كارثةـ فعقلية السوق، في محاولة الحصول على جزء ما من القدس بأي ثمن، سادت أجواء التفاوض لدى المفاوضين الفلسطينيين، وفي الرابع من أيار 2008 ولم يصدق المفاوضون الصهاينة أعينهم وهم ينظرون إلى شاشة العرض التي يقف إلى جانبها الدكتور سميح العبد وهو يشرح ما تعرضه السلطة الفلسطينية من صفقة تنازلات هي الأكبر منذ بدء المفاوضات السرية والعلنية بين قيادة منظمة التحرير والكيان الصهيوني، حيث يكون بوسع الكيان الصهيوني بموجب هذه الصفقة ضم كل المستوطنات في شرقي القدس (مثل بسغات زئيف ورامات ألون ورامات شومو ورامات أشكول والتلة الفرنسية وجيلو وغيرها) مع وضع مستوطنتي معاليه أدوميم وجفعات زئيف قيد التفاوض. أما في البلدة القديمة فيحصل الصهاينة على الحي اليهودي الذي يلاصق الحائط الغربي للحرم القدسي، يضاف إلى ذلك جزء من الحي الأرمني، ما يعني ان الحرم سيقع ، وفق هذا المخطط، على خط الحدود تماماً.
ذلك تذكره الوثائق بالطبع، لكن ما تتعرض له صورة القدس وحقائقها وهويتها في أسرار تلك المحادثات، أبعد في مخاطرها بكثير مما قد يبدو من وقائع مساومة مباشرة. ولو قيض لتلك المسودات أن تتحول إلى اتفاقيات وتتكرس، فإن مصير المدينة المقدسة سيكون أمام حدث فريد في تاريخها، لا يكتفي بإعادة إنتاج الاحتلال فيها ، وإنما أيضاً يكرس تهويدها تماما مع بقاء جزر تواجد فلسطيني معرضة للترحيل أو العزل في أقل الأحوال.
الهدية الأثمن لعل صائب عريقات أصاب عمق الحقيقة حين كان يحاول فتح شهية الفريق الصهيوني المفاوض على الخطة الفلسطينية في القدس إذ قال: "نحن نبني لكم أكبر اورشليم في التاريخ".. هذا القول يعني الكثير عن خطورة العرض الفلسطيني المقدم لحكومة أولمرت، والذي مازال على الطاولة:
- المستوطنون في معظمهم باقون في القدس، وهو ما يعلمه الجانب الفلسطيني جيداً فقد قال المفاوض الأول في الفريق الفلسطيني سميح العبد مخاطباً أودي ديكل: "لقد عملنا كل ما في وسعنا في هذه الخطة كي تتضمن أكبر عدد من المستوطنين".
- المؤشرات كثيرة أن منطقة الحرم وما تسمى بالحوض المقدس، ترك تحديد مصيرها لمرحلة لاحقة، وتلتقي تصورات الفريق الفلسطيني مع تصورات خطة اولمرت التي تؤجل أيضاً وضع ما تسميه "الحوض المقدس" على ان يجري بحثه لاحقاً بمشاركة الولايات المتحدة والأردن والسعودية ومصر، دون ان يكون لطرف ثالث أي صلاحية لفرض حلول. ويفهم من الوثائق الأخيرة أن الجانب الفلسطيني على استعداد لقبول صلاحيات إدارية على الحرم لا ترقى إلى مستوى السيادة.
- ما لا يتضح في الوثائق تماماً مصير الأراضي المحيطة بمستوطنات القدس التي ستضمها إسرائيل. والأرجح أن أراضي كتلك التي في محيط جيلو جنوباً او تحت رامات شلومو وبينها وبين رامات ألون ورامات أشكول وامتداداً نحو شعفاط، وكذلك المناطق حول مستوطنة جفعات زئيف، هذه كلها يتوقع أن تصبح إطار امتداد أمني واستيطاني للمستوطنات الملحقة بغربي القدس المحتلة.
بحسابات إسرائيلية ومرة أخرى، تشير أجواء التفاوض على القدس إلى مدى الاستهانة التي يبديها المفاوضون الفلسطينيون حيال هذه الأرض ذات الأهمية الدينية والحضارية الخاصة للعرب والمسلمين وبكل المقاييس. هنا يبدو هؤلاء وهم لا يفرقون بين مغزى شبر من الأرض في القدس وفي سواها، بل إن التنازل عن أرض في الضفة يظهر أحيانا أكثر صعوبة من التفاوض على أرض في القدس.
وتصل حدود الاستسهال والارتجال في مواقف متعددة ، كان لافتاً منها مثلاً ما قاله أحمد قريع في أحد اجتماعات التفاوض على القدس، خاطب قريع لفني قائلاً "لقد كنت ضد هذا (أي خطة التخلي عن مناطق المستوطنات في شرقي القدس) لكن صائب وسميح أقنعاني وقالا يجب أن نفعلها. فوضعا المستوطنات على الخريطة، وهذا ما لم يحصل منذ كامب ديفيد".
لقد كان هم المفاوضين الفلسطينيين ، البحث عن ما يرضي الإسرائيليين، كي يقبلوا بما يعرضونه عليهم في القدس، وكثيراً ما رددوا "نحن نهتم بمصالحكم"، وقد انشغلوا أكثر من الإسرائيليين في وضع حلول جغرافية – على حساب ما تبقى من الأرض- لإيجاد اتصال بين المستوطنات البعيدة عن خط الحدود مع القدس الغربية، وبدا وكأنهم يعملون مستشارين للفريق الصهيوني.. حصل ذلك مع مستوطنة جفعات زئيف حين اقترحت عضوة في الوفد الفلسطيني أن يربط الصهاينة المستوطنة بنفق مع القدس الغربية، وهو ما أعجب تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الصهيونية آنذاك، وحصل أيضاُ في حوار بين طال بيكر وسميح العبد عن طريقة مثلى لتحقيق اتصال بين بسغات زئيف (شمال شرق البلدة القديمة) وبين التلة الفرنسية.. يسأل "طال": كيف يمكننا وصل بسغات زئيف بمستوطنة التلة الفرنسية؟، يجيب سميح: "يمكن بناء جسر لهذا الغرض".
وفي صورة مشابهة، وفي النقطة الأصعب في المفاوضات على القدس، والتي تمثلت بمستوطنة معاليه أدوميم، لا يتمسك أحمد قريع برفض بقاء هذه المستوطنة بقدر ما يبحث عن ما يسميه "حلول خلاقة"، ويقترح على ليفني أن يبقى مستوطنوها الثلاثون ألفاً في أراضي الدولة الفلسطينية العتيدة.
نعم القدس هي المفتاح الذهبي في وثائق الأسرار الأخيرة للمفاوضات بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني.. القدس هي الورقة الأكبر، وهي الضحية الأكبر أيضاً.
محرر الشؤون الفلسطينية
الثبات
| |
|