اسلاميات
عدد المساهمات : 73 تاريخ التسجيل : 25/02/2011
| موضوع: يا دكتور: متى تخرس الأقلام عن قول الزور - رد على دكتور على جمعة الأربعاء أبريل 20, 2011 10:25 pm | |
|
يا دكتور: متى تخرس الأقلام عن قول الزور
بقلم / الشيخ عاطف عبد المعز الفيومي.
***************
*******
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رَحْمة للعالَمِين، نبيِّنا محمَّد - صلى الله عليه وآله أجمعين. أما بعد: ذكرت في مقال سابق لي ردًا على فضيلة المفتي "الدكتور علي جمعه"، وكان عنوانه "عفوًا فضيلة المفتي ليست السلفية كالعلمانية"، بعد أن شن حربًا على المنهج السلفي والسلفية وأتباعها، محاولًا في كلامه اللمز والغمز بالتيار السلفي، ومشبها له بالفكر الغربي العلماني، وقد بذل قصارى جهده في ذمه ورميه بالتخلف والرجعية والجمود، إلى آخر ذلك الكلام المموج علمًا وفكرًا، ونقلًا وعقلًا. وها هو فضيلة المفتي "الدكتور علي جمعه"، يخرج لنا مقالًا جديدًا ينسب إليه إذا صح ذلك، مجددًا قوله الصراح، في الطعن في الاتجاه السلفي، زاعمًا فيه كمًا كبيرًا من الخلط الشرعي، والأكاذيب الواقعية التي يرميه بها. وإني هنا لست في معرض بيان الأخطاء والمغالطات التي طالما رفع بها الدكتور صوته، ولم يستحي إطلاقًا من المجاهرة بها على الملأ إعلاميًا وداخليًا وخارجيًا، لكن على هامش مقاله أدون. فهذه ليست المرة الأولى التي يتوجه الدكتور إلى غمز ولمز "الاتجاه السلفي"، طاعنًا فيه، خاصة بعد أحداث الثورة المصرية وتطوراتها، والتخويف الكاذب من فزاعة "الإسلاميين" و"الدولة الدينية"، وهذا بعض مما جاء فيه باللغة الإنجليزية: (أ)Most disturbingly, the past few weeks have seen a very disturbing rise in violence from extremist quarters targeted at places of religious significance. Both Coptic churches and the graves of important Muslim personalities have been attacked. These are alarming developments, and especially so in light of the fragile state of our country at this crucial juncture. They need close attention and to be stopped so that the religious, social and political integrity of the country remains intact. (ب)When the idealistic view of society envisioned by those who call themselves Salafis fails to come to pass this can then cause dangerous further radicalism. The fact that the past they idealize is a figment of their imagination and thus necessarily unattainable becomes an engine of radicalization fuelled by their inevitable frustration. (ج)Sadly, this dangerous mix of isolationism and idealism can also feed into an undeserved self-confidence, indeed arrogance. Taken together all this comprises a spiritual malaise which is integral to the disease of extremism, and can only be countered by a truly Islamic spiritual base( ). أما الخبر بالعربية فقد نشرت صحيفة "مفكرة الإسلام الإلكترونية": "في مقال بعث به مفتي الديار المصرية إلى صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، شن الدكتور "علي جمعة" حملة شديدة على أصحاب التوجه السلفي في مصر، متهمًا إياهم بأنهم يشكلون خطرًا حقيقًا؛ لأنهم من يقفون وراء استهداف الكنائس والأضرحة في مصر - حسب تصريحه -. وقال جمعة: "إن الأسابيع القليلة الماضية شهدت صعودًا مقلقًا للعنف من قبل أوساط متشددة استهدفت أماكن تحتل أهمية دينية، فقد تعرضت كنائس قبطية وأضرحة لشخصيات إسلامية هامة لهجمات. وهذه تطورات تدق مقلقة للغاية، وخاصة في ضوء الوضع الهش لبلدنا في هذا المنعطف الخطير". كما قال: "هؤلاء الذين يقومون بتلك الهجمات الشائنة ليسوا إلا منتهزي فرص ومتشددين، لا يمتون بصلة إلى التراث الإسلامي العظيم". كما اتهم جمعة أصحاب "الاتجاه السلفي" بأن تفكيرهم رجعي حيث يريدون العودة إلى (الماضي)؛ حيث قال: "للأسف، فهؤلاء الذين يقومون بمثل تلك الهجمات البربرية ضد الشعب المصري ومؤسساتهم الثقافية والدينية لا يهدفون ببساطة إلى إظهار مثالية الماضي، بل إلى عودة تامة إليه بكل تفاصيله وتفصيلاته". وتابع يقول: "وهذا التفكير الرجعي هو مشكلة في حد ذاته، ولكن الأكثر سوء عندما يتم طرحه على أنه المعيار الذي يجب أن يلتزم به جميع المسلمين، بينما من لا يفعل منهم يتم توبيخه والتشكيك في صحة إيمانه. وهذه القوى قد زرعت الشقاق في المجتمع كما عزلت بعض شرائح المجتمع المسلم عن الآخرين"، على حد قوله. كما وصف مفتي مصر السلفيين بأنهم جماعة متحجرة منعزلة رافضة للحياة معادية للمجتمع وللعالم تسعى لشق الصف ونشر التشدد الديني، زاعمًا أن تصرفاتهم لا تمت للإسلام وأن أفكارهم تزرع الشقاق في المجتمع وأخطر من ذلك أنهم يجعلون منهجهم هو المعيار الذي يجب أن يكون عليه المسلمون. كما تضمن المقال تحذيرًا للأمريكان من هؤلاء السلفيين الذين يسببون مزيدًا من التطرف - على حد وصفه -، معتبرًا أنه يجب عليهم تركيز الانتباه على هؤلاء السلفيين وإيقافهم للحفاظ على سلامة البلد الدينية والاجتماعية والسياسية حسب تصريحه. ويأتي هذا التصريح لإحدى أهم الصحف الأمريكية فيما نظر إليه بعض المراقبين على أنه أشبه ما يكون برسالة استغاثة موجهة إلى الأمريكان للاستقواء بهم على السلفيين في مصر. وكانت مصادر التحقيق المصرية قد نفت بشكل قاطع مسئولية السلفيين عن هدم الأضرحة، كما أن أصابع الاتهام قد أشارت إلى وقوف وزير الداخلية السابق حبيب العادلي وراء تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، وإلى مسئولية فلول الحزب الوطني المنحل عن حالات الاحتقان الطائفي الأخيرة بين المسلمين والنصارى، في ظل تأكيد رموز العمل السلفي على التحذير من خطر الفتنة الطائفية ودعوتهم لكشف الجهات التي تقف وراءها؛ بهدف إشاعة الفوضى والفتنة فيما أسموه بالثورة المضادة. ويندرج مقال مفتي مصر، وهو صوفي ينتمي للطريقة الجعفرية، ضمن حملة شرسة تتعرض لها التيارات السلفية في مصر في أعقاب استفتاء التعديلات الدستورية الذي أظهر زخمًا وانتشارًا واسعًا وتأثيرًا كبيرًا للسلفيين ومشايخهم لدى جموع الشعب المصري. وظهرت بوادر أزمة بين الطرق الصوفية والجماعات السلفية في مصر على إثر انتشار تقارير في وسائل الإعلام تتحدث عن دعوات سلفية لإزالة الأضرحة من جميع مصر، الأمر الذي نفته رموز الدعوة السلفية بشدة؛ مؤكدة أن ما قيل يعد جزءًا من سلسلة الشائعات التي تستهدف زعزعة ثقة المصريين في الدعوة، ومعتبرة أيضًا أن ما حدث من تصرفات فردية في هذا الشأن لا يُنسب إليها. وقد دأب مفتي مصر علي جمعة على مهاجمة التيار السلفي الذي يؤكد مراقبون أنه بات الأكثر انتشارًا بين فئات المجتمع المصري، وهو ما دللت عليه نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية. كما اعتاد جمعة في مقابلة على الإشادة بالتيار الصوفي الذي ينتمي إليه. ومن أعجب تصريحات المفتي في هذا الشأن أنه اعتبر في تصريح له إبان عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، التيار السلفي، "أقرب ما يكون إلى العلمانية منه إلى الإسلام"( ). انتهى.
************
وهنا نستخلص عدة أمور مهمة وخطيرة مما سبق، وإن كان الكلام كثيرًا لكن حسبي ما يلي:
الأول: الحرب على الاتجاه السلفي ليست جديدة: هذه حقيقة لا يجب أن تغيب عن أذهان المسلمين على الإطلاق، ولا أن يذعنوا للمخالفين لها، فإذا كان التوجه السلفي مناديًا بالعودة إلى الإسلام الصافي الصحيح وفق منهج السلف، فقد صار هذا من الأهمية اليوم بمكان، فإن التيار السلفي أقرب من يمثله ولا ريب، ومن هنا فلا غرابة على الإطلاق أن تتوجه السهام والرماح إليه، بالاتهامات الباطلة، والأكاذيب الشائعة، والحرب الضروس إعلاميًا وفكريًا. وقد أكد أهل العلم مرارًا على أن السلفية منهج الإسلام، لا فرقة ولا جماعة، لكنها الإسلام في صفائه ووضوحه، وبينوا ذلك كثيرًا، لكن أين من يسمعون صوت الهدى والحق. وإن أصحاب القلوب المريضة، التي لا تبحث عن حقائق الشريعة الإسلامية بصفائها وشمولها، وكذلك أصحاب الأهواء والفرق والبدع، وكذلك أهل النفاق والعلمنة وأذنابهم، كل هؤلاء لا يريدون حقيقة العودة إلى الإسلام الصافي من البدع والخلط والأهواء، أو الإسلام الشرعي، لكنهم إما أصحاب أهواء وأغراض ومصالح، وإما أصحاب جهل وضلال. ومن هنا فإنهم يستقطبون السذج من الناس والرعاع إلى أفكارهم وأهوائهم، ويرفعون سيوف الإرهاب الفكري ضد من يسمونهم "السلفيين" أو أصحاب "الفكر الوهابي" زعموا. وحسبنا أن نرى خبرًا من أخبارهم حيث "وزعت جماعات صوفية، خلال أحد احتفالاها بمدينة طنطا (حوالي 92 كم شمال القاهرة)، منشورات تهاجم التيارات السلفية وتصفها بأنهم "مرتزقة" و"أخطر أعداء الإسلام". وخلال احتفال الآلاف من أتباع الطرق الصوفية بما يُسمى "المولد الرجبي للسيد البدوي"، وهو احتفال بدعي لا يُعرف له أصل في الشريعة الإسلامية، فضلًا عما يرتكب خلاله من المنكرات والبدعيات، وزع عشرات الصوفية منشورات وبيانات تحمل عنوان: "من هم السلفية". وتصف هذه المنشورات السلفيين بأنهم "جماعة إسلامية تكفيرية متشددة"، وتزعم أن السلفيين "يضمون مرتزقة، وهم أخطر أعداء الإسلام"، فيما وزع آخرون منشورات تطالب بتأسيس حزب سياسي صوفي لـ"مواجهة المد السلفي"، بحسب صحيفة "المصري اليوم". وتأتي تلك المنشورات التي تهاجم التيارات السلفية ضمن حملة شرسة تتعرض لها الجماعات السلفية في مصر في أعقاب استفتاء التعديلات الدستورية الذي أظهر زخمًا وانتشارًا واسعًا وتأثيرًا كبيرًا للسلفيين ومشايخهم لدى جموع الشعب المصري. وظهرت بوادر أزمة بين الطرق الصوفية والجماعات السلفية في مصر على إثر انتشار تقارير في وسائل الإعلام تتحدث عن دعوات سلفية لإزالة الأضرحة من جميع مصر، الأمر الذي نفته رموز الدعوة السلفية بشدة؛ مؤكدة أن ما قيل يعد جزءًا من سلسلة الشائعات التي تستهدف زعزعة ثقة المصريين في الدعوة، ومعتبرة أيضًا أن ما حدث من تصرفات فردية في هذا الشأن لا يُنسب إليها"( ). فهؤلاء وغيرهم يحاربون "الاتجاه السلفي" بقوة وبكل متاح، خاصة بعد سقوط النظام الحكومي السابق، في ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 م.
الثاني: للمرة الثانية عفوًا فضيلة الدكتور عليك الانقياد للحق:
وها أنا أقول للدكتور على جمعة للمرة الثانية بعد مقالي الأول، يا دكتور: لمصلحة من تعلن هذه التصريحات والكتابات المؤلمة؟، لمصلحة من تشن حربك وسهامك الباطلة، على المنادين بالعودة إلى حقائق الإسلام الصحيحة الصافية وفق منهج السلف؟، لمصلحة من تنشر هذه الأكاذيب شرعًا وعقلًا وواقعًا؟. هل لمصلحة الحكومات والسياسات البشرية الهزيلة؟ أم هل لمصلحة الأمريكان والأوربيين والصهاينة اليهود؟ أم هل لمصلحة جماعة وفرقة الصوفية والأضرحة والقبوريين؟ أم لمصلحتك الشخصية وأهوائك الذاتية؟ صدق القائل: أوردها سعد وهو مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل يا دكتور: ما هكذا تكون لغة العلم والحوار، وما هكذا تصحح الأفكار كما تزعم في أقوالك واتهاماتك. إنني أعتقد أنك صاحب علم وفكر وبحث واطلاع، فليتك تخلوا بنفسك ساعة من ليل أو نهار، وتركن إلى ربك، ثم إلى علمك وفكرك، فتطلع على منهج السلف الصالح، وتقف مع علمهم وفقههم وملازمتهم للكتاب والسنة، ثم تقرأ من أخبارهم وسيرهم وعقيدتهم، ثم ترى حولك، هل ترى اليوم من غبار على أتباعهم، هل ترى عليهم من جهالة بحق، هل هم غيروا منهج السلف وعقيدتهم وفقههم. إنني اعتقد أنك لو أخلصت قلبك وعلمك وفكرك لله تعالى، وتجردت بحق من ذاتك ونفسك لعلمت أن هؤلاء أصحاب علم وبصيرة وحق، ولعلمت أنهم فتية آمنوا بربهم وشرعيتهم حكمًا ومنهاجًا، وأنهم على درب الهدى والحق لا يحيدون عنه. ولكن يا دكتور: ليتك تفعل ذلك، وليتك تعود إلى الحق والهدى، وليتك تقف أمام الانحرافات والضلالات الصوفية، والتي كانت سببًا حقيقًا من أسباب تأخر دولة الإسلام والعلم، كما كانت سببًا في سقوط الخلافة الإسلامية بسبب تواكل الأمة وانشغالها بغير كتاب وسنة. لماذا الدكتور لا يحارب العلمانيين والمنافقين، الذين ضيعوا الأمة الإسلامية وجروها إلى العبث بهويتها ودينها وتراثها الإسلامي والعربي. ولماذا لم يقف الدكتور أمام البدع والخرافات من أهل التصوف المعاصرين والقدامى على حد سواء، ويبين للناس طريق الحق والسنة، ويبين لهم أن السلفيين يحبون أهل البيت ويصلون عليهم كل صلاة. ولماذا لم يقل لهم أن الملتزمين عامة والسلفيين خاصة، حرصوا على أمن بلادهم وأوطانهم، حتى غيرهم من النصارى حافظوا عليهم، فلم تهدم لم كنسية، ولم يعتدى على قسيس، بل دافعوا عنهم، ووقفوا معهم، بل ودعوا إلى حمايتهم وبناء كنيستهم التي هدمت، لأحداث خاصة لا علاقة لها بما يجري الآن. ولماذا لم يرد الدكتور على المنسلخين من قيمهم وأخلاقهم من أصحاب الفن الهابط الرخيص، والذين ينشرون الفاحشة في الذين آمنوا في أغانيهم وأفلامهم ومسلسلاتهم الهابطة. ولماذا لم يشنع على الذين اتهموا علامة الزمان في الحديث وشيخ المحدثين محمد بن إسماعيل البخاري بأنه لا يعلم شيئًا في الحديث. ولماذا لم يرد على من أجاز شرب الدخان في الصيام، وقال أنه لا يفطر الصائم، وأن المرتد عن دين الإسلام بعد إسلامه واختياره كافر يقتل ردة وحدًا. ولماذا لم يرد على الذين يسبون أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجرائد الصفراء والمغرضة، ويتطاولون على القمم من أهل العلم والإسلام. ولماذا لم يبين للناس أن حكم الطواغيت والظالمين ظلم للشعوب المسلمة، وهضم لحقها الإسلامي والإنساني معًا، وأنه يجب العودة إلى أحكام الإسلام الصافية الكاملة في جميع شؤون الحياة كلها سياسة واقتصادًا وإعلامًا وسلوكًا وأخلاقًا. ولماذا يستجدي عطف الأمريكان وجهلهم بحقائق الإسلام وما يجري في بلادنا، ضد أبناء دينه ووطنه وأمته. ولماذا لم يرد القول على الدكتور يحيى الجمل، ويرد الباطل من قوله والافتراء الكاذب على الله ودينه، وبيان حكم الإسلام في كلامه وأقواله. لماذا دائمًا لا تصوب سهام الخذلان، والكيد والخسران دائمًا، إلا لأهل الحق والسنة والإيمان.
الثالث: شباب السلفية أصحاب فكر وتربية ومنهج وليسوا انتهازيين:
نعم يجب علينا أن نفهم هذا جيدًا، "شباب السلفية أصحاب فكر وتربية ومنهج وليسوا انتهازيين"، كما يتقول ذلك كل متربص مريض القلب، ولا يعني هذا أنهم براء كبشر من الوقوع في الخطأ، والانزلاق في الفكر، كلا..، قد يقع بعض الأفراد منهم ولا ريب في خطأ ما، وقد تزل قدمه في منزلق ما، لأنهم بشر، ليسوا بمعصومين، ولا بمحفوظين من ذلك، وهذا نص حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون". رواه الترمذي وابن ماجه والدارمي. ولكن وقوعهم في الخطأ لا يعني أن يعم الخطأ على منهج صحيح بأكمله، ولا أن نظن بأصحابه ظن السوء والجاهلية، إذًا لو فعلنا ذلك، فمن حق أهل الكفر والضلال أن يقولوا عن الإسلام دين الإرهاب والتطرف زعموا، بسبب وقوع بعض المسلمين في أخطاء هنا وهنالك. ومن حق الناس اليوم - في ظل تعدد التيارات والاتجاهات والجماعات - أن تعرف حقيقة السلفية وأصولها، وأن تعرف حقيقة أتباعها وشبابها، ليكونوا على بينة من أمرهم. إذًا لا بد لنا من روح الحق والعدل والإنصاف، وألا نحمل خطأ ما على حساب المنهج وحملته، لكن الذي ينبغي أن يقال بحق، إن علماء الدعوة السلفية وشبابها وأتباعها، لا ينطلقون إلا من ميدان شرعي صحيح، ولا ينطلقون إلا من فهم واقعي عميق، فهم أصحاب تربية ناضجة، لأنهم أقرب للحق من غيرهم، شباب تربوا على اتباع الكتاب والسنة من منابع صافية، لم تكدرها بدع ولا أهواء، ولم تكدرها مصالح ولا منافع، شباب تربوا على التأصيل بالدليل، فكل كلامهم قال الله قال الرسول "الكتاب والسنة". شباب مؤمن بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، فهو مؤمن بدينه إيمان محب له، ومقتنع به، ومغتبط به، يرى الظفر به غنيمة ، والحرمان منه خسراناً مبيناً. شباب يعبد الله مخلصاً له الدين وحده لا شريك له. شباب يتبع رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - في قوله وعمله، فعلا وتركاً، لأنه يؤمن بأنه رسول الله وأنه الإمام المتبوع. شباب يقيم الصلاة على الوجه الأكمل بقدر ما يستطيع، لأنه يؤمن بما في الصلاة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية، الفردية والاجتماعية، وما يترتب علي إضاعتها عواقب مخيمة للأفراد والشعوب. شباب يؤتي الزكاة إلى مستحقيها كاملة من غير نقص، لأنه يؤمن بما فيها من سد حاجة الإسلام والمسلمين مما اقتضى أن تكون به أحد أركان الإسلام الخمسة. شباب يصوم شهر رمضان فيمتنع عن شهواته ولذاته إن صيفاً وإن شتاءُ؛ لأنه يؤمن بأن ذلك في مرضاة الله فيقدم ما يرضاه ربه على ما تهواه نفسه. شباب يؤدي فريضة الحج إلى بيت الله الحرام؛ لأنه يحب الله فيحب بيته والوصول إلى أماكن رحمته ومغفرته، ومشاركة إخوانه المسلمين القادمين إلى تلك الأماكن. شباب يؤمن بالله خالقه وخالق السموات والأرض، لأنه يرى من آيات الله سبحانه ما لا يدع مجالا للشك والتردد في وجود الله. فيرى في هذا الكون الواسع البديع في شكله ونظامه ما يدل دلالة قاطعة على وجود مبدعه وعلى كمال قدرته وبالغ حكمته؛ لأن هذا الكون لا يمكن أن يوجد نفسه بنفسه ولا يمكن أن يوجد صدفة لأنه قبل الوجود معدوم والمعدوم لا يكون موجداً لأنه هو غير موجود. ولا يمكن أن يوجد صدفة، لأنه ذو نظام بديع متناسق لا يتغير ولا يختلف عن السنة التي قدر له أن يسير عليها:"فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً" [فاطر: الآية43]، "مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُور* ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسيرٌ" [الملك:3-4]. وإذا كان هذا الكون على نظام بديع متناسق امتنع أن يكون وجوده صدفة؛ لأن الموجود صدفة سيكون انتظامه صدفة أيضاً، فيكون قابلاً للتغير والاضطراب في أي لحظة. شباب يؤمن بملائكة الله؛ لأن الله أخبر عنهم في كتابه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر عنهم في السنة. وفي الكتاب والسنة من أوصافهم وعباداتهم وأعمالهم التي يقومون بها لمصلحة الخلق ما يدل دلالة قاطعة على وجودهم حقيقة. شباب يؤمن بكتب الله التي أنزلها على رسله هداية إلى الصراط المستقيم؛ لأن العقل البشري لا يمكنه إدراك التفاصيل في مصالح العبادات والمعاملات. شباب يؤمن بأنبياء الله ورسله الذين بعثهم الله إلى الخلق يدعونهم إلى الخير ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل. وأول الرسل نوح وآخرهم محمد عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام. شباب يؤمن باليوم الآخر الذي يبعث الناس فيه أحياء بعد الموت ليجازوا بأعمالهم "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ" [الزلزلة:7-8] لأن ذلك نتيجة الدنيا كلها فما فائدة الحياة وما حكمتها إذا لم يكن للخلق يوم يجازى فيه المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته. شباب يؤمن بالقدر خيره وشره، فيؤمن بأن كل شيء بقضاء الله وقدره مع إيمانه بالأسباب وآثارها، وأن السعادة لها أسباب والشقاء له أسباب. شباب يدين بالنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، فيعامل المسلمين بالصراحة والبيان، كما يحب أن يعاملوه بهما، فلا خداع ولا غش ولا التواء ولا كتمان. شباب يدعوا إلى الله على بصيرة حسب الخطة التي بينها الله في كتابه: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" [النحل: الآية125]. شباب يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؛ لأنه يؤمن أن في ذلك سعادة الشعوب والأمة "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" [آل عمران: الآية110]، شباب يسعى في تغيير المنكر على النحو الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من رأى منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه". شباب يقول الصدق ويقبل الصدق، لأن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً. شباب يحب الخير لعامة المسلمين؛ لأنه يؤمن بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". شباب يشعر بالمسئولية أمام الله وأمام أمته ووطنه، فيسعى دائماً لما فيه مصلحة الدين والأمة والوطن بعيداً عن الأنانية، ومراعاة مصلحته الخاصة على حساب مصلحة الآخرين، شباب يجاهد لله وبالله، يجاهد بالإخلاص له فلا رياء ولا سمعة ويجاهد بالله مستعيناً به غير معجب بنفسه ولا معتمد على حوله وقوته، ويجاهد في الله في إطار دينه من غير غلو ولا تقصير، يجاهد بلسانه ويده وماله حسبما تتطلبه حاجة الإسلام والمسلمين. شباب ذو خلق ودين، فهو مهذب الأخلاق، مستقيم الدين، لين الجانب رحب الصدر، كريم النفس، طيب القلب صبور متحمل لكنه حازم لا يضيع الفرصة ولا يغلب العاطفة على جانب العقل والإصلاح. شباب متزن منظم يعمل بحكمة وصمت مع إتقان في العمل وجودة لا يضيع فرصة من عمره إلا شغلها بما هو نافع له ولأمته. ومع أن هذا الشباب محافظ على دينه وأخلاقه وسلوكه فهو كذلك بعيد كل البعد عما يناقض ذلك من الكفر والإلحاد والفسوق والعصيان والأخلاق السافلة والمعاملة السيئة. فهذا القسم من الشباب مفخرة الأمة ورمز حياتها وسعادتها ودينها، وهو الشباب الذي نرجو الله من فضله أن يصلح به ما فسد من أحوال الإسلام والمسلمين وينير به الطريق للسالكين، وهو الشباب الذي ينال السعادة في الدنيا والآخرة( ). هذه حقيقة الشباب المسلم السلفي، والمتدين عمومًا بمنهاج الإسلام، لأن ما ذكرته هو منهاج الإسلام، وليس بدعًا من القول أو شططًا فيه. ولا يعني كما أكدت أنهم لا يذنبون ولا يخطئون، لا إنهم كغيرهم بشر، لكن علينا ألا نحمل شبابنا وأمتنا ما لا تحتمل من التهوين والتهويل من قيمهم وأخلاقهم. كما يجب علينا أن نمد لهم يد العون، ويد الحوار والنقاش، وأن نفتح الباب لتلاقي القلوب والعقول، ومدارسة محل الخلاف والاختلاف، بأدب الحوار والعلم، حتى نخرج بالتوجه الصحيح، والنقد البناء. أما أن نشهر سيوف الإرهاب الفكري، والرمي بالبهتان، وقذف الناس بالباطل، فهذا ما لا يرضاه دين ولا علم ولا خلق على الإطلاق. وكفى الأمة فرقًا وجماعات، وكفى عصبية وتفرقًا واختلافًا، لا نريد سوى الحق، ولا نريد سوى العدل والإنصاف، واحترام الآخر بمزيد من الحب والأدب والنقاش.
**********
********* | |
|